الخميس، 25 سبتمبر 2014

تحريك الدعوى من طرف النيابة

مـــــــقدمــــــة
الدعوى العمومية ضرورية لإمكان معاقبة الجاني فلا عقوبة بغير دعوى عمومية و تبدأ تلك الدعوى بأي إجراء يتخذ أمام إحدى جهات التحقيق أو الحكم و هو ما يسمى بتحريك الدعوى العمومية فلا تنظر المحكمة الدعوى من تلقاء نفسها ، و يعد تحريكا للدعوى العمومية طلب وكيل الجمهورية من قاضي التحقيق افتتاح أو إجراء التحقيق و تكليف المتهم بالحضور أمام محكمة الجنح و المخالفات من طرف النيابة العامة و متى حركت الدعوى العمومية فإن مباشرتها أو استعمالها يشمل بالإضافة إلى تحريكها متابعة السير فيها أمام سلطات التحقيق أو جهات الحكم حتى يقضي فيها بحكم بات و من ذلك رفع الدعوى أمام المحكمة و تقديم الطلبات من النيابة و طعنها في الأحكام
المبحث الأول: نشوء الدعوى العمومية و تحريكها و مباشرتها
المطلب الأول: نشأة الدعوى العمومية:
تنشأ الدعوى العمومية منذ لحظة ارتكاب الجريمة استنادا إلى حق المجتمع في العقاب و بعد نشوئها قد تتحرك و قد لا تتحرك، لو فرضنا أن قائد سيارة صدم حيوانا في الطريق ليلا و هرب تحت جنح الظلام و لم يره أحد و لم يبلغ أحد عن الجريمة التي ارتكبها ففي مثل هذه الحالة و قعت جريمة و نشأت الدعوى العمومية منذ لحظة ارتكاب الجريمة و لكن لم تتحرك إذ لم تتخذ أية إجراءات لضبط الواقعة و نسبتها إلى متهم معين و إحالته للقضاء.
المطلب الثاني: تحريك الدعوى العمومية:
يقصد بتحريك الدعوى العمومية بداية تسييرها و تقديمها للمحكمة الجزائية المختصة بنظرها فالتحريك هو المرحلة الأولى من الإجراءات الجزائية في الدعوى و لكن متى يبدأ التحريك؟ و متى يتم ؟
التحريك يبدأ باتخاذ إجراء من إجراءات التحقيق أي بمباشرة قاضي التحقيق لعمله فيها و من المعلوم أن قيام مأموري الضبط القضائي بإجراءات في حالة انتدابهم من قاضي التحقيق يعتبر بداية للتحريك و يتم تحريك الدعوى العمومية بتقديمها للقضاء أي بدفعها للمحكمة فبإحالة التحقيق الجنائي للمحكمة المختصة و اتصال الدعوى بالمحكمة نقول أنه قد تم تحريكها فعلا لاتصالها بمرفق القضاء.
المطلب الثالث: مباشرتها (استعمالها)
يقصد بمباشرة الدعوى أو استعمالها إتخاذ بعض الاجراءات حيالها بعد رفعها إلى القضاء أي بعد إتصالها بالمحكمة، و يكون ذلك عن طريق ابداء الطلبات من ممثل النيابة أمام القضاء إما شفويا أو كتابيا و كذلك الطعن في القرارات أو الأحكام الصادرة في تلك الدعوى و ما إلى ذلك حتى تنتهي الدعوى بصدور الحكم النهائي.
حق النيابة في تحريك و مباشرة الدعوى العمومية:
ينص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أن النيابة العامة تباشر الدعوى العمومية باسم المجتمع و تطالب بتطبيق القانون و أنها تمثل أمام كل جهة قضائية (المادة 09).
كما ينص أيضا على أن النيابة العامة تبدي أمام تلك الجهات القضائية ما تراه لازما من الطلبات، و أن لها أن تطعن الاقتضاء في القرارات و الأحكام التي تصدرها تلك الجهات القضائية بكافة طرق الطعن القانونية (المادة 36 فقرة 4.5 )
حق المدعي المدني في تحريك الدعوى العمومية (الأداء المباشر):
ينص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري على أنه يجوز للطرف المضرور أن يحرك الدعوى العمومية طبقا للشروط المحددة في نصوصه (المادة 1 الفقرة 2).
و يكون ذلك عن طريق التكليف بالحضور الذي يتوضح به موضوع الواقعة محور المتابعة مع ذكر النص القانوني الذي يعاقب على تلك الواقعة و ذكر المحكمة المرفوعة إليها، و مكان و ساعة و تاريخ انعقاد الجلسة و صفة المبلغ إليه متهما كان أم مسؤولا عن الحق المدني. (المادة 440).
حق رؤساء المجالس القضائية و المحاكم في تحريك الدعوى العمومية:
من استقراء نصوص قانون الإجراءات الجزائية الجزائري يتضح لنا أن المشرع قد خول رؤساء المجالس القضائية و رؤساء المحاكم حق تحريك الدعوى العمومية و حصر هذا الحق في الجرائم التي تقع في أثناء إنعقاد الجلسات القضائية و يمكن تلخيص تلك النصوص فيما يلي:
أولا: إذا ارتكبت جناية في احدى جلسات المحكمة أو المجلس القضائي فإن رئيس الجلسة يحرر محضرا و يستجوب الجاني و يسوقه و معه أوراق الدعوى إلى وكيل الدولة الذي يطلب افتتاح تحقيق قضائي يجريه قاضي التحقيق طبقا للقواعد العامة (المادة 571).
ثانيا: إذا ارتكبت جنحة أو مخالفة في جلسة محكمة الجنايات أو في جلسة محكمة أول درجة التي تنظر قضايا الجنح أو المخالفات فإن رئيس الجلسة يأمر بتحرير محضر عنها و يقضي فيها في الحال بعد سماع أقوال الشهود و النيابة العامة و المتهم و الدفاع عند الاقتضاء ( المادتان 569 و 570 اجراءات). و معنى ذلك أن رئيس الجلسة في الحالتين يملك حق تحريك الدعوى العمومية ، أما مباشرتها فدائما تكون بمعرفة النيابة العامة التي تكون ممثلة في جميع الجلسات القضائية التي تنظر المواد الجنائية بحكم تشكيل تلك المحاكم و المجالس القضائية و يقضي رئيس الجلسة في الدعوى بصفته قاضي الحكم.
ثالثا: إذا ارتكبت جريمة في جلسة محكمة أو مجلس قضائي لا ينظر المواد الجنائية كأن تكون الهيئة القضائية تنظر المواد المدنية أو التجارية أو الأحوال الشخصية ففي هذه الحالات يأمر الجلسة بتحرير محضر عنها و ارساله إلى وكيل الدولة، و إذا كانت الجريمة معاقب عليها بعقوبة الحبس الذي تزيد مدته على ستة شهور جاز لرئيس الجلسة في هذه الحالة أن يأمر بالقبض على المتهم و ارساله فورا للمسؤول أمام وكيل الدولة (المادة 568)
المبحث الثاني:قيود تحريك الدعوى العمومية
المطلب الأول: الشكوى
ماهية الشكوى:
يقصد بالشكوى البلاغ أو الإخطار الذي يقدمه المجني عليه إلى السلطات المختصة طالبا تحريك الدعوى العمومية بشأن جرائم معينة خطر المشرع تحريكها بصددها قبل تقديمه.
و قد أطلق المشرع الجزائري كلمة الشكوى فضلا عن ذلك على البلاغ المقدم من المضرور من الجريمة جناية كانت أو جنحة إلى قاضي التحقيق و المصحوب بالإدعاء المدني، و الذي يؤدي إلى تحريك الدعوى العمومية (مادة 72) و الشكوى هنا وسيلة للإدعاء المدني، و يمكن أن تستأنف الدعوى العمومية سيرها بدونها عن طريق النيابة العامة، أما الشكوى التي نحن بصددها فهي قيد على سلطة النيابة بشأن جرائم معينة
الجرائم التي تستلزم الشكوى:
1- جريمة الزنا المنصوص عليها في المادة 339 من قانون العقوبات .
2- جرائم السرقة التي تقع بين الأقارب و الحواش و الأصهار لغاية الدرجة الرابعة ( مادة 369 عقوبات). و قد نصت (المادة 368 عقوبات) على أن السرقات التي تقع من الأصول أضرارا بفروعهم أو العكس أو من أحد الزوجين أضرارا بالزوج الآخر لا يعاقب عليها و لا تخول إلا الحق في لبتعويض المدني.
3- جرائم النصب (مادة 372 عقوبات) و خيانة الأمانة ( مادة 377 عقوبات) و إخفاء الأشياء المسروقة ( مادة 389 عقوبات) متى وقعت بين الأشخاص المشار إليهم في (المادة 369 عقوبات ) و كذلك لا يعلقب على تلك الجرائم في الحالات المنصوص عليها في (المادة 368 عقوبات).
4- خطف أو ابعاد القاصرة و زواجها من خاطفها (مادة 326 عقوبات).
5- ترك أحد الوالدين لأسرته أو الزوج الذي يتخلى عن زوجته مع علمه بأنها حامل (مادة 330 فقرة 261 عقوبات).
ممن تقدم الشكوى:
استلزم القانون تقديم الشكوى من المجني عليه تاركا ذلك لتقديره و لذلك فهي حق شخصي يمارسه بنفسه أو بوكيل خاص عن جريمة معينة سابقة على التوكيل، فلكل جريمة تقديرها لدى المجني عليه، و ينقضي هذا الحق بوفاة المجني عليه و لو لم يصفح عن الجاني أو لم يعلم بالجريمة.
و إذا تعدد من يتطلب القانون شكواهم بشأن جريمة واحدة فيكفي أن يشكو أحدهم عدا جريمة الزنا فإنها نظرا لطبيعتها الخاصة تستلزم شكوى المجني عليهما. و إذا تعددت الجرائم فإنه يتعين أن يشكو المجني عليه في كل منها، و إذا كان المجني عليه غير أهل لتقديم شكوى قدمها ممثله القانوني
و إذا اشترط القانون صفة معينة في مقدم الشكوى كصفة الزوج بالنسبة لجريمة الزنا أو استلزم رابطة معينة بين مقدم الشكوى و بين المتهم كالمصاهرة وجب توافر هذه الصفة أو الرابطة وقت تقديم الشكوى فلو طلق الزوج زوجته طلاقا بائنا قبل تقديم الشكوى سقط حقه في تقديمها أما إذا حدث الطلاق بعد الشكوى فإنه لا يحول دون الحكم على الزوج الزاني.
ضد من تقدم الشكوى:
الأصل أن الشكوى توجه ضد المتهم و هو من استلزم القانون وجوب تقديم الشكوى لاتخاذ الإجراءات ضده و لكن المتهم قد يكون غير معلوم بالرغم من وقوع الجريمة و علم المجني عليه بها، فلا يحول ذلك دون التقدم بالشكوى دون اعتبار لشخص من يسفر اتخاذ الإجراءات عن إسناد التهمة إليه، و عندما يتضح الشخص المتهم فإنه ينبغي تقديم شكوى بالرغبة في السير في الإجراءات ضده.
و إذا تعدد المتهمون فلا يلزم تقديم الشكوى ضدهم جميعا و من باب أولى إذا كان القانون لا يتطلب الشكوى بالنسبة لبعض المساهمين في الجريمة فإن النيابة تستطيع أن تسير في الدعوى دون انتظار لتقديم الشكوى ضده إلا أنه بالنسبة لجريمة الزنا فإنه لا يجوز اتخاذ الإجراءات قبل شريك الزوج الزاني قبل تقديم الشكوى.
الجهة التي تقدم الشكوى إليها:
اشترط القانون تقديم الشكوى لتحريك الدعوى العمومية و مباشرتها، و لذلك فهي تقدم إلى النيابة العامة المختصة بذلك الإجراء أو إلى أحد ضباط الشرطة القضائية بوصفه السلطة التي تمهد بإجراءاتها لتحريك الدعوى، أو إلى المحكمة الجزائية برفع الدعوى العمومية مباشرة أمامها بطريق الادعاء المباشر و لكن لا يعد شكوى رفع الدعوى المدنية على الجاني أمام المحكمة المدنية أو رفع الدعوى إنكار نسب طفل ولدته الزوجة أمام محكمة الأحوال الشخصية أو تقديم شكوى إلى الجهة الإدارية التي يتبعها الجاني إذ لا تختص تلك الجهات باتخاذ الإجراءات الجنائية فضلا عن أن المجني عليه لا يطلب منها ذلك.
و لا يسقط الحق في تقديم الشكوى في التشريع الجزائري إلا بانقضاء الدعوى العمومية.
شكل الشكوى:
يستوي في الشكوى أن تكون كتابة أو شفاهة و بأية عبارات مادامت دالة على رغبة المجني عليه اتخاذ الإجراءات الجنائية قبل المتهم و ليس مجرد طلب أخذ تعهد بعدم تكرار الجريمة أو طلب الصلح.
أثر تقديم الشكوى:
متى قدمت الشكوى زال القيد على اتخاذ الإجراءات الجزائية و جاز تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو غيرها و جاز للنيابة أن تباشر كافة إجراءات الاتهام طبقا للقانون و لا شأن للمجني عليه بالدعوى العمومية بعد تقديمه الشكوى أما إذا حركت الدعوى العمومية أو بوشرت فيها إجراءات المتابعة قبل تقديم الشكوى فإنها تكون باطلة بطلانا مطلقا يتعلق بالنظام العام لأنه يمس مصلحة عامة أراد المشرع حمايتها بهذا القيد و لا يصح هذه الإجراءات رضاء المجني عليه في الدعوى و لا حتى تقديم الشكوى و إذا رفعت الدعوى إلى المحكمة قبل تقديم الشكوى وجب على المحكمة أن تقضي بعدم قبولها لبطلان الاجراءات .
التنازل عن الشكوى:
أجاز القانون للمجني عليه أن يتنازل عن الشكوى بسحبها (مادة 6/3) و هو ما يتفق مع حكمتها فقد يرى ان المصلحة في ذلك و يصدر التنازل من المجني عليه بوصفه صاحب الحق في الشكوى أو ممن ينوب عنه أو يمثله قانونا.
و بالنسبة لجريمة الزنا فإن التنازل لا ينتج أثره في الصفح عن الزوج الزاني إلا إذا كان المجني عليه لا زال حسب الواضح من نص (المادة 339 ) إذا انقضت رابطة الزوجية بالطلاق فلا يمكن أن يتنازل عن الدعوى العمومية و حق التنازل كالحق في الشكوى من الحقوق الشخصية التي تنقضي بوفاة المجني عليه و لا تنتقل إلى الورثة.
شكل التنازل:
سحب الشكوى صورة من صور التنازل الذي لا يستلزم شكلا معينا فقد يكون مكتوبا أو شفويا و لا يلزم أمام القضاء أو النيابة أو الضبط القضائي فقد يتضمنه خطاب إلى الزوجة أو أحد أقاربها و التنازل صريح تدل عليه ذات ألفاظه و حينئذ يتعين على القاضي ترتيب أثره، أو ضمني يستفاد من ألفاظ أو عبارات لا تدل عليه بذاتها، و من تصرفات صادرة من المجني عليه تتم عن اعراض صاحب الشكوى من شكواه.
وقت التنازل:
حق المجني عليه في الشكوى لا ينشأ إلا إذا وقعت الجريمة فعلا فلا يتصور التنازل عن جريمة مستقبلة، غير أن مثل هذا التنازل قد يفيد الرضاء بالجريمة و هو ما يؤدي إلى انتفاء أحذ عناصرها إذا كانت تستلزم عدم رضاء المجني عليه و من ذلك السرقة فتنازل القريب أو الصهر مقدما عما يسرقه منه قريبه أو صهره يمكن اعتباره رضاء بالواقعة يجردها من عدم المشروعية، و للمجني عليه أن يتنازل عن الشكوى التي يقدمها في أي وقت حتى تنقضي الدعوى العمومية بحكم بات أو بغيره من الأسباب.
أثر التنازل:
إذا تنازل المجني عليه قبل تقديم الشكوى انقضى حقه في تقديمها و امتنع تحريك الدعوى العمومية بالنسبة للجريمة أو المتهم الذي استلزم القانون بشأنهما تقديم الشكوى.
أما إذا حدث التنازل بعد تقديم الشكوى فإنه يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية (مادة 6) فيأمر قاضي التحقيق بالأوجه للمتابعة أو تقضي المحكمة بذلك و لكن هذا التنازل لا يؤثر على حق المجني عليه المضرور في الإدعاء أمام المحكمة المدنية و لا على الدعوى المدنية التبعية فتستمر المحكمة الجنائية في نظرها رغم انقضاء الدعوى المدنية ما لم يتنازل المجني عليه من الحق المدني أيضا.
و النازل عن الشكوى لا يستفيد منه جميع المتهمين الذين يستلزم القانون تقديم الشكوى لا مكان تحريك الدعوى قبلهم أما بالنسبة للمتهمين الآخرين فإنهم لا يستفيدون من التنازل فمن ساهم مع الأخ في سرقة مال أخيه لا يفيد من تنازل الأخ عن شكواه بالنسبة لأخيه.
التنازل بعد الحكم البات:
متى صار الحكم باتا انقضت الدعوى العمومية ووجب تنفيذ العقوبة المقضي بها و لذلك لا يملك المجني عليه التنازل عن تنفيذ العقوبة.
المطلب الثاني: الطلب
ماهيته:
يعهد القانون أحيانا إلى إحدى هيئات الدولة و مصالحها بتقدير ملائمة تحريك الدعوى العمومية بصدد جريمة أضرت بها. إذ تكون هذه الجهات أكثر قدرة من النيابة العامة على الاحاطة بكافة الظروف و الملابسات المتصلة بهذه الجريمة فتطلب منها تحريك الدعوى العمومية أو تمنع عن ذلك.
و من أمثلة هذه الجرائم تلك المنصوص عليها في المواد 161، 162، 163، عقوبات و هي الجرائم التي يرتكبها متعهد التوريدات و المقالات للجيش الشعبي الوطني بعدم تنفيذ تلك التعهدات أو الغش في تنفيذها أو التأخر في ذلك ، إذ لا يجوز تحريك الدعوى العمومية إلا بناءا على شكوى من وزير الدفاع الوطني (مادة 164 عقوبات).
أحكامه:
و يقدم الطلب من الجهة التي حددها القانون و هو كالشكوى لا يجوز التفويض العام بشأنه و إنما يستلزم توكيلا خاصا بصدد جريمة معينة ما لم يسمح القانون بالتفويض العام في الاختصاص بتقديم الطلب و للجهات المشار إليها أن تقدم الطلب في أي وقت قبل انقضاء الدعوى الجنائية و متى قدم الطلب عادت للنيابة سلطتها الأصلية في تحريك و مباشرة الدعوى العمومية.
و لم ينص التشريع الجزائري على جواز التنازل عن الطلب بعد تقديمه كما هو الشأن في حالات الشكوى ولا يسقط الطلب بوفاة الموظف العام صاحب السلطة في تقديمه فهو متعلق بوظيفته و ليس بشخص مقدم كالشكوى.
و إذا لم يقدم الطلب أو قدم من جهة غير مختصة قلا يجوز تحريك الدعوى العمومية أو إتخاذ أي إجراء فيها و إلا كان باطلا بطلانا مطلقا تقضي به المحكمة من تلقاء نفسها و لا يصححه الطلب اللاحق إلا أن ذلك لا يؤثر على سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية عن الجرائم الأخرى و لو كانت مرتبطة بالجريمة محل الطلب.
المطلب الثالث: الآذن
ماهيته:
يفترض الأذن انه شخصا ينتمي إلى هيئة ما من هيئات الدولة اتهم بارتكاب جريمة و تبدي الهيئة رغبتها في تحريك الدعوى العمومية قبله و اشتراط الأذن لا يقصد به تمييز أعضاء الهيئات لأشخاصهم و إنما يهدف إلى ضمان عدم التأثير على أداء العضو لوظيفته على الوجه الأكمل فلا يتخذ ضده أي إجراء من إجراءات المتابعة الجزائية قبل استئذان تلك الهيئات و لذلك يعد هذا القيد حصانة لأعضائها و أهم حالات الأذن الجرائم التي يتهم فيها أعضاء مجلس الشعبي الوطني و رجال القضاء.
أحكام الاذن:
يختلف الأذن عن الشكوى و الطلب في أنه يهدف إلى حماية المتهم و لا يقصد به صيانة مصلحة للمجني عليه فردا كان أو هيئة. و يشترك معهما في أنه طبقا للتشريع الجزائري يجووز تقديمه في أي وقت قبل انقضاء الدعوى العمومية و يماثل الأذن الطلب في أنه لا يجوز العدول عنه بعد مباشرته و إذا تعدد المتهمون اللازم صدور الأذن لمتابعتهم فإن صدوره ضد أحدهم لا يجيز متابعة باقي المتهمين و تحريك الدعوى العمومية باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق قبل الأذن يكون باطلا و لو رضي به العضو و تقضي المحكمة به من تلقاء نفسها و يجوز الدفع به في اي حالة كانت عليها الدعوى لارتباط الأذن بالصلح العام و ليس بصالح العضو الشخصي .
و تختلف آثار الآذن باختلاف حالاته و تقتصر على =كر مثال لهذه الأثار بالنسبة لأعضاء المجلس الشعبي الوطني.
فتنص المادتان 138-139 من الدستور الجزائري على عدم جواز متابعة أي نائب بالمجلس الشعبي الوطني بسبب عمل إجرامي إلا بإذن من ذلك المجلس الذي يقرر رفع الحصانة بأغلبية أعضائه.
و ينصرف لفظ المتابعة إلى تحريك الدعوى العمومية عن طريق اتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق معه أو رفع الدعوى العمومية ضده.
و يتمتع عضو المجلس الشعبي الوطني بهذه الحصانة منذ انتخابه و حتى تنتهي فترة نيابته سواء كان المجلس في فترات الإنعقاد أو بينها، و لا يؤثر في الحصانة الطعن في صحة هذا الانتخاب طالما لم يصدر قرار بإبطال نيابته.
و هي حصانة تشمل جميع الجرائم جنايات و جنح و مخالفات و لو كانت في حالة التلبس.
و لكن الحصانة قاصرة على الإجراءات الجزائية فيمكن اختصام عضو المجلس الشعبي الوطني أمام المحاكم الجزائية بصفته مسؤولا عن الحقوق المدنية أو مطالبته بالتعويض عن الجريمة المنسوبة إليه أمام المحاكم المدنية.
و طلب الأذن بمتابعة عضو المجلس الشعبي الوطني أي رفع الحصانة عنه يقدم إلى رئيس المجلس من النيابة العامة أو المدعي بالحقوق المدنية و ترفق به بالمستندات المؤيدة له و يحيل المجلس الطلب إلى إحدى لجانه كي تفحصه و تقدم تقريرا عنه للمجلس.
و تقتصر وظيفة المجلس على التأكد من جدية الدعوى و أن الباعث عليها غير سياسي أو حزبي أو ما شابه ذلك، و ليس له أن يبحث موضوع الدعوى أي مدى ثبوت التهمة من عدمه و إلا اعتدى على اختصاص السلطة القضائية.
فإذا قرر المجلس رفض الطلب امتنع على الجهة القضائية تسير في الدعوى و إذا قرر رفع الحصانة أصبح العضو كباقي الإقرار بالنسبة للدعوى أو الإجراءات موضوع الطلب فقط
المبحث الثالث:أسباب انقضاء الدعوى العمومية
المطلب الأول: الأسباب العامة لانقضاء الدعوى العمومية
1- وفاة المتهم: حالة الوفاة هي توقف القلب و الجهاز التنفسي في جسم الإنسان عن أداء وظائفهما
توقفا تاما و يترتب على وفاة المتهم إنقضاء الدعوى العمومية بنص القانون و يترتب على وفاة المتهم آثار قانونية و هي:
- إذا لم تكن الدعوى قد رفعت بعد يمتنع على النيابة العامة رفعها و مع ذلك للنيابة أن تأمر
بمصادرة الأشياء المضبوطة إداريا إذا كانت هذه الأشياء استعملت في ارتكاب الجريمة.
- أما إذا كانت الدعوى قد رفعت أمام القضاء و توفي المتهم أثناء سير الدعوى يجب على المحكمة
أن تحكم بانقضاء الدعوى بوفاة المتهم دون التعرض للموضوع، و للمحكمة أن تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة.
- و إذا حدثت الوفاة بعد صدور حكم ابتدائي في الدعوى و قبل الطعن فيه فلا تستطيع النيابة
العامة ولا الورثة الطعن في ذلك الحكم الابتدائي.
- و إذا حدثت الوفاة بعد التقرير بالطعن في الحكم من المتهم أو من النيابة و قبل صدور حكم
نهائي فإن على المحكمة التي تفصل في الطعن أن تحكم بانقضاء الدعوى سواء كان الطعن بالمعارضة أو بالاستئناف
- أما إذا حصلت الوفاة بعد صدور حكم نهائي فإن الدعوى تنقضي بهذا الحكم لا بالوفاة و يسقط
الحكم من تلقاء نفسه فيما يتعلق بالعقوبة السالبة أو المقيدة للحرية، أما العقوبات المالية و التعويضات و ما يجب رده و المصاريف فهي واجبة التنفيذ في تركة المتوفي باعتبارها ديونا عليه.
- و لا تأثير لوفاة المتهم على سير الدعوى المدنية المرفوعة مع الدعوى العمومية و للمدعي
المدني أن يدخل ورثة المتوفي في الدعوى المدنية ليحصل غلى الحكم بالتعويض في مواجهتهم أمام المحكمة الجنائية التي تنظر الدعوى العمومية.
- كما أن وفاة المتهم لا تؤثر على سير الدعوى العمومية بالنسبة لباقي المتهمين فاعلين كانوا أو
شركاء كقاعدة عامة إلا أنه يرد على هذه القاعدة استثناء وحيد في جريمة الزنا فوفاة الزوج الجاني تنقضي بها الدعوى على الشريك ما لم يكن قد صدر نهائي بالإدانة و ذلك تأسيسا على قاعدة أن أيهما بريء حتى تثبت إدانته بصدور حكم نهائي ضده و إدانته معقودة بإدانة شريكه فموت أحدهما يمنع بحث إدانة الآخر.
2- التقادم: يرتب المشرع على التقادم انقضاء الدعوى العمومية و التقادم يعني مرور فترة من
الزمان على إرتكاب الجريمة و تلك الفترة الزمنية يحددها القانون.
حكمة التقادم: تقوم فكرة سقوط الدعوى أو انقضائها بالتقادم على عدة أسباب هي:
أ*- أن الجريمة قد نسيت و محيت آثارها بمرور السنين أي تلاشت من ذهن الأفراد.
ب*- صعوبة إثبات الحرية نظرا لضياع الأدلة أو تأثرها بمرور الزمن.
جـ- حث السلطات على المبادرة إلى ضبط الجرائم و تعقب الجناة و تقديمهم للمحاكمة خلال مدة
قيام الدعوى العمومية.
أحكام التقادم و آثاره:
أحكامه:
- نص قانون الإجراءات الجزائية على أن تتقادم الدعوى العمومية في مواد الجنايات بانقضاء
عشر سنوات كاملة و في مواد الجنح بمرور ثلاث سنوات كاملة و في مواد المخالفات بمضي سنتين كاملتين.
- و تحتسب تلك المدة اللازمة لانقضاء الدعوى من اليوم التالي لارتكاب الجريمة إذا لم يتخذ في
تلك الفترة أي إجراء من إجراءات التحقيق أو المتابعة.
أما إذا اتخذت إجراءات تحقيق أو متابعة خلال فترة التقادم فإن التقادم ينقطع.
- في الجريمة الوقتية كالقتل و السرقة البسيطة أو الضرب تحتسب مدة التقادم من اليوم التالي من
وقوع الجريمة أو البدء في تنفيذها إن كانت شروعا، أما في جرائم الاعتياد كجرائم التحريض على الفسق و جرائم التشرد تبدأ مدة السقوط من اليوم التالي لارتكاب الفعل الثاني الذي تتم به الجريمة.
آثاره:
- يترتب على التقادم انقضاء الدعوى العمومية فلا يمكن تحريكها بعد فوات المدة القانونية للتقادم
و الانقضاء بالتقادم من النظام العام و يعني ذلك أنه يجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى و لو لأول مرة أمام المجلس الأعلى للقضاة و للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها و لا يقبل من المتهم التنازل عنه.
3- العفو الشامل: تنقضي الدعوى العمومية بالعفو الشامل و هو الذي يعبر عنه بالعفو عن الجريمة
و هو يزيل الصفة الجنائية عن الفعل المرتكب بأثر رجعي وكأن الفعل كان مباحا في وقت ارتكابه.
و العفو الشامل يعتبر تنازلا من المجتمع عن حقه في العقاب و عدولا منه عن استعمال حقه في
التجريم و ذلك لا يكون إلا بقانون و بشأن جرائم معينة وقعت في فترة زمنية محدودة و تكون لها أهمية إجتماعية خاصة على المستوى القومي للجماعة.
آثار العفو الشامل:
- إذا صدر العفو الشامل قبل رفع الدعوى العمومية فلا يجوز للنيابة رفعها.
- و إذا كانت قد رفعت تقضي المحكمة من تلقاء نفسها بإنقضاء الدعوى لأن قواعد انقضاء الدعوى العمومية تعد من النظام العام.
- و إذا صدر العفو بعد الحكم نهائيا في الدعوى أو بعد تنفيذ العقوبة كليا أو بعضها فإنه يمحو أثر الحكم محوا تاما.
4- صدور حكم حائز لقوة الشيء المقضي به:
صدور الحكم النهائي في الدعوى العمومية سواء كان بالبراءة أم بالإدانة تنتهي به الدعوى، بل هو
الطريق العادي الطبيعي لإنقضائها.
شروط الحكم الذي تنقضي به الدعوى العمومية:
أن يكون قضائيا: أي صادر من محكمة (هيئة قضائية)
أن يكون نهائيا: أن لا يكون قابلا للطعن فيه بالمعارضة أو بالإستئناف.
أن يكون قطعيا: أي فاصلا في كل أو بعض موضوع الدعوى فلا يعتد بالأحكام الصادرة قبل العمل في موضوع الدعوى.
أن يكون صادرا من محكمة مختصة: أي أن يكون صادرا من المحكمة ذات الولاية في الفصل في موضوع الدعوى.
5- إلغاء القانون الجزائي:
تنقضي الدعوى العمومية بإلغاء القانون الجزائي الذي ينص على تجريم السلوك الذي من أجله
تحركت الدعوى و قد ورد هذا السبب ضمن أسباب الإنقضاء في المادة السادسة من قانون الإجراءات في فقرتها الأولى، فإن كانت لم ترفع للقضاء يمتنع عن النيابة رفعها و إن كانت قد عرضت على القضاء يحكم بعدم قبولها ، و إذا كان قد صدر فيها حكم يوقف أثر ذلك الحكم
المطلب الثاني:الأسباب الخاصة لإنقضاء الدعوى العمومية
1- الصلح القانوني: و يقصد به التصالح في الدعوى العمومية لقاء دفع مبلغ معين من المال و النيابة العامة لا تملك هذا الصلح إلا إذا كان القانون ينص عليه صراحة و يحدد المبلغ الذي يتم التصالح عليه، و بتعبير آخر فإن الصلح سلطة تقديرية لأعضاء النيابة العامة و مثال ذلك ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائري صراحة في الكتاب الثاني من المادة 381.
و إذا رفعت مخالفتان في محضر واحد يتعين على المخالف أن يدفع المقدار الإجمالي لغرامتي الصلح المستحقتين عليه عنهما (383 إجراءات).
و يتم السداد دفعة واحدة خلال الثلاثين يوما التالية لاستلام الإخطار بالدفع المرسل إليه من النيابة في هذا الشأن (م 384 إجراءات)
كما نصت (المادة 389 إجراءات) على إنقضاء الدعوى بهذا الصلح.
2- سحب الشكوى: تضمنت الفقرة الأخيرة من المادة السادسة من قانون الإجراءات الجزائية أن الدعوى العمومية يجوز أن تنقضي بسحب الشكوى في الحالات التي تكون فيها الشكوى شرطا لازما للمتابعة.
و الأصل في سحب الشكوى أن يكون صريحا لا لبس فيه.
كما يشترط في التنازل أن يكون باتا غير معلق على شرط فإن كان التنازل معلقا على شرط كأن يتنازل المجني عليه في جريمة السرقة التي ارتكبها أحد الأقارب من الدرجة الرابعة عن شكواه معلقا تنازله هذا على رد المسروقات إليه مثلا.
أثر التنازل عن الشكوى أو سحبها: بمجرد حصول التنازل صريحا غير معلق على شرط تنقضي الدعوى العمومية، و الجدير بالملاحظة في هذا الصدد أن التنازل عن الطلب غير جائز إلا في الحالات التي ينص فيها القانون على جواز إجراء تصالح قانوني بين ممثل الهيئة الرسمية التي وقعت عليها الجريمة و بين المتهم و هو ما يعبر عنه بالصلح القانوني كما هو الحال في بعض التشريعات الضريبية و التهريب الجمركي و المخالفات.
المبحث الأول: النيابة العامة
المطلب الأول: نشأة النيابة العامة
أدى تطور النظام الإتهامي الى تخويل أي مواطن حق تحريك الدعوى العمومية باسم المجتمع و هو ما عرف بالاتهام الشعبي ثم أسند موظف عام استعمال الدعوى العمومية كما أسند الى بعض الأشخاص مهمة تمثيل الملوك والنبلاء أمام المحاكم والدفاع عن مصالحهم وكانت الغرامات والصادرات المقضى بها تذهب إليهم مما أضفى على مهمة هؤلاء النواب و المحامين طابعا ماليا
وبظهور نظام التحري والتنقيب و ازدياد سلطة الدولة تطورت وظيفة ممثلي الملك والنبلاء فأصبحوا يمثلون الاتهام وحدهم وهكذا انقرض الاتهام الفردي وحل محله الاتهام العام و نشأ في فرنسا جهاز النيابة العامة الذي يمثل جميع مصالح الملك و يتولى الاتهام وحده وأعتنقه قانون تحقيق الجنايات الفرنسي منذ أوائل القرن التاسع عشر ولكن ظل للمضرور حق تحريك الدعوى العمومية فبعد تحريكه لها يقتصر الاتهام على النيابة العامة وحدها .
المطلب الثاني: اختصاصات النيابة العامة
للنيابة العامة بعض الاختصاصات بالنسبة للدعوى العمومية كما تمارس اختصاصات أخرى خارجة عن تلك الدعوى
أولا – اختصاصات النيابة العامة بالنسبة للدعوى العمومية
1 الاتهام النيابة العامة هي سلطة الاتهام الأصلية في التشريع الجزائري فهي تحرك الدعوى العمومية ثم تباشرها وتتابع السير فيها أمام المحاكم المختلفة نيابة عن المجتمع حتى ولو حركت من جهة أخرى (المادة 26) وذلك بهدف الكشف عن الحقيقة واقرار سلطة الدولة في العقاب
النيابة العامة لا تملك التصرف أو التنازل عن الدعوى العمومية ولا يقبل الاحتجاج على النيابة العامة بالتنازل أو الموافقة على طلب معين فلها أن تستأنف الحكم في الدعوى العمومية ولو كانت قد أمرت بحفظها أو حتى وافقت على الحكم أو العدول عن أو العدول عن أمر الحفظ ولو لم تظهر أدلة جديدة
كما يلاحظ أن النيابة العامة تملك ما يسمى بسلطة الملائمة أي تقدير ملائمة مباشرة الدعوى العمومية أو حفظها تبعا لما تراه محققا لمصلحة المجتمع وهو ما سنعود إليه
2 النيابة العامة عنصر في تشكيل المحاكم الجزائية و نقصد بها المحاكم المختصة بالفصل في الدعوى العمومية سواء كانت عن جناية أو جنحة أو مخالفة على اختلاف أنواعها ودراجاتها وليست مجرد طرف في الدعوى العمومية ولذلك يبطل الحكم الذي يصدر في جلسة لم يحضرها ممثل النيابة
3 خول المشرع الجزائري النيابة العامة سلطة القيام ببعض الإجراءات التي يختص بها أصلا قاضي التحقيق دون أن تعتبر حينئذ من أعمال التحقيق الابتدائي كاستجواب المتهم في الجنح التي في حالة تلبس والأمر باحضار المتهم بجناية في حالة تلبس
اما اختصاصات النيابة بخلاف الدعاوى العمومية فهي كالتالي:
1 تتولى النيابة العامة تنفيذ احكام القضاء ولها في سبيل ممارسة وظيفتها ان تلجا الى القوة العمومية
2 يتولى وكيل الجمهورية ادارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على ذلك الضبط ولوكيل الجمهورية ان يباشر بنفسه او يامر باتخاذ جميع اجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات
3 للنيابة العامة حق ابداء الراي في بعض القضايا كتلك المتعلقة بعديمي الاهلية والغائبين ورد القضاة والقضايا الماسة بالنظام العام (مادة 141 من قانون الاجراءات المدنية ) وهو ما يجعلها طرفا منظما في هذه القضايا وليست طرفا اصليا في الدعوى فهي تتولى بحث القضية ومجرد ابداء الراي فيها .
تشكيل النيابة العامة واختصاصات اعضائها:
اعتبر المشرع الجزائري اعضاء النيابة العامة من سلك القضاء وهو ما قرره في مواضع كثيرة منها المادة رقم 1 من القانون الاساسي للقضاء والمادة 33/2 اجراءات ويختلف اختصاص اعضاء النيابة تبعا لدرجتهم على النحو التالي :
1- النائب العام لدى المجلس الاعلى :
هو ممثل النيابة العامة امام المجلس الاعلى اكبر هيئة قضائية في الدولة ويعاونه بعض اعضاء النيابة العامة من مختلف الدرجات الا انه يلاحظ ان النيابة العامة لدى المجلس الاعلى تختلف عن النيابة العامة لدى المجالس القضائية فهي تكون طرفا منضما في الطعون المقامة من النيابة العامة او الافراد ولا يمارس النائب العام لدى المجلس الاعلى الطعن في الاحكام الجزائية الا في الطعن لصالح القانون طبقا للمادة 530 والتماس اعادة النظر عملا بالمادة 531 .
2- النائب العام :
ادا كانت النيابة العامة تباشر الدعوى العمومية باسم المجتمع فان النائب العام بكل ولاية هو ممثل النيابة العامة لدى المجلس القضائي ومجموعة المحاكم (مادة 32 ) فهو صاحب الحق في استعمال الدعوة العمومية ويتعين عليه ان يباشرها بنفسه او يباشرها تحت اشرافه اعضاء النيابة العامة والذين يعتبرون وكلاء عنه في هذا الصدد وهي وكالة مصدرها القانون وللنائب العام فضلا عن ذلك اختصاصات ذاتية ومن هذه الاختصاصات :
- للنائب العام حق استئناف جميع اوامر قاضي التحقيق على ان يبلغ استئنافه للخصوم خلال العشرين يوما التالية لصدور الامر (مادة 171 ) بينما يتعين على وكيل الدولة اذا اراد ذلك الاستئناف ان يقوم به خلال ثلاثة ايام فقط (مادة 170 ) .
- للنائب العام حق استئناف الاحكام الصادرة في الجنح والمخالفات في خلال شهرين اعتبارا من يوم النطق بالحكم (مادة 419 ) بينما يفعل ذلك اعضاء النيابة وسائر الخصوم خلال عشرة ايام (مادة 418 ) .
- يتولى النائب العام تهيئة الجنايات وتقديمها مع طلباته فيها الى غرفة الاتهام لاحالتها الى محكمة الجنايات (مادة 179 ) .
- للنائب العام ان يعيد تقديم الجنايات المحكوم فيها من غرفة الاتهام بعدم وجود وجه للمتابعة الى الغرفة متى ظهرت ادلة جديدة ويطلب من رئيس الغرفة ان يصدر امرا بالقبض على المتهم او ايداعه السجن (مادة 181) .
- للنائب العام ان يطلب من غرفة الاتهام اجراء تحقيقات تكميلية (مادة 186) .
- للنائب العام الى ما قبل افتتاح المرافعة ان يسحب الدعاوي المنظورة امام المحاكم فيما عدا محكمة الجنايات اذا راى ان الوقائع موضوع الدعوى جناية ثم يقوم باعدادها ويقدمها الى غرفة الاتهام مع طلباته (مادة 180) .
3- النائب العام المساعد الأول :
في كل مجلس قضائي يوجد نائب عام مساعد أول ؛ يعاون النائب العام في أداء مهام وظيفته ؛ والقاعدة أن النائب العام المساعد الأول ليس له اختصاصات ينفرد بها ؛ وانما يقوم بمعاونة النائب العام في أداء اختصاصاته كلها ما لم يسمح له النائب العام ببعضها ولكن النائب العام المساعد الأول يتولى كافة اختصاصات النائب العام و يحل محله حال غيابه ولا يملك النائب العام تعديل ما يتخذه من اجراءات في هذه الحالة
4- النواب العامون المساعدون :
ويقومون بمعاونة النائب العام في أداء مهامه و وضيفته فيمثلون النيابة العامة أمام المجلس القضائي وهم بدورهم ليس لهم اختصاصات مستقلة وانما يحدد النائب العام لكل منهم مايمارسه ما يمارسه من المهام .
5- وكيل الجمهرية :
وهو يمثل النائب العام لدى محكمة التي بها مقر عمله؛ ويباشر الدعوى العمومية بدائرة المحكمة نيابة عنه؛ ومن ثم يجب عليه أن يمثل لتوجيهاته؛ والا كان تصرفه المخالف باطلا. وقد بينت المادة 36 من قانون الاجرات مهام وكيل الجمهورية التي تنحصر في تلقي المحاضر والشكاوي والبلاغات ويقرر ما يتخذ بشأنها؛ ويباشر بنفسه أو يأمر باتخاذ جميع اجراءات البحث و التحري
6- مساعد :
في كل محكمة من المحاكم الواقعة بدائرة المجلس القضائي عضو نيابه أو أكثر بدرجة مساعد يعاون وكيل الجمهورية في أداء مهامه و وضيفته
المطلب الثالث: خصائص النيابة العامة:
للنيابة العامة خصائص معينة تحدد كيفية ادائها لوظيفتها وتنظم علاقة اعضائها ببعضهم وبغيرهم من سلطات الدولة وهي :
1- مبدا التبعية التدريجية :
يحكم اعضاء النيابة مبدا التبعية التدريجية وذلك خلافا لقضاة الحكم الذين لا يخضعون في اداء وظائفهم لغير ضمائرهم ومقتضيات القانون .
فوزير العدل ورغم انه ليس من اعضاء النيابة العامة هو الرئيس الاعلى لها (مادة 6 من القانون الاساسي للقضاء) ويملك تكليف النائب العام بالمجلس القضائي بان يباشر او يعهد بمباشرة متابعات او يحظر الجهات القضائية المختصة بما يراه ملائما من طلبات كتابية (مادة 30 ) ومن ذلك تحريك الدعوى العمومية عن جريمة او ابداء طلبات معينة في دعوى قضائية منظورةاو الطعن في حكم صادر فيها او طلب اجراء تحقيق بشان واقعة ما .
ولكن ليس للنائب العام لدى المجلس الاعلى أي سلطة على باقي النواب العاملين للمجالس القضائية وليس لاي منهم سلطة على اقرانه والنائب العام هو راس جهاز النيابة بالمجلس يمتثل لتعليماته جميع اعضاء النيابة بالمجلس او بالمحاكم التابعة له .
2- عدم تجزئة النيابة العامة :
اعضاء النيابة العامة وكلاء للنائب العام ممثل النيابة العامة صاحب الدعوى العمومية فكل ما يؤدونه من اعمال وظيفتهم منسوب الى النيابة العامة باسرها ويتجه الى هدف واحد هو اقرار سلطة الدولة في العقاب ولذالك جاز لكل منهم ان يكمل ما بدأه زميله في حدود كل محكمة أو مجلس قضائي على الأقل فيحرك أحدهم الدعوى العمومية و يحضر اخر الجلسة ويبدي ثالث طلبات النيابة في الدعوى العمومية و في هذا الصدد يختلف اعضاء النيابة عن قضاء الحكم حيث يتعين صدور حكم من قاضي أو قضاة المحكمة الذين حضروا جميع جلسات نظر الدعوى و الا كان الحكم باطلا
3- استقلال النيابة العامة :
المشرع الجزائري يعتبر اعضاء النيابة العامة قضاة ويكفل ذلك استقلال النيابة العامة عن السلطة التنفيذية وهو استقلال ضروري يمليه طبيعة دورها في الخصومة الجنائية وسعيها الى معرفة الحقيقة فضلا على انها تختص في التشريع الجزائري ببعض اجراءات التحقيق الابتدائي وهو عمل قضائي محض يختص به اصلا قاضي التحقيق
أما استقلال النيابة العامة عن قضاء الحكم فهو اكثر رسوخا فرغم اعتبار اعضاء النيابة العامة من رجال القضاء و رغم ان النيابة عنصر اساسيى في كل محكمة جنائية ورغم انها تتولى تنفيذ قرارات القضاء ان كل منهما مستقل عن الآخر بالنظر الى ان النيابة العامة سلطة اتهام القضاء سلطة الحكم او الفصل في هذا الاتهام و يترتب على هذا الاستقلال نتائج منها:
- للنيابة العامة حرية بسط آرائها لدى المحاكم في الدعوى العمومية في حدود ما يقضي به النظام وحقوق الدفاع
- لا يجوز للمحكمة أن تأمر النيابة بتصرف معين كاتهام شخص معين او التنازل عن اتهامه فالاتهام وظيفة النيابة والمحاكمة
- لا يجوز للقضاء ان يلوم النيابة او يعيب عليها تصرف او رأى فذلك انتقاد غير جائز
4- عدم مسؤلية النيابة العامة :
يقصد بذلك ان اعضاء النيابة العامة لا يسالون مدنيا ولا جنائيا عما يتخذونه من إجراءات ماسة بحرية المتهم او بشرفه واعتباره او بحرمة مسكنه كالقبض او الحبس الاحتياطي او توجيه الاتهام او تفتيش مسكن و لو تبين تقدير النيابة فحفظت الدعوى العمومية او قضى فيها بالبراءة
كما انهم لا يسالون عما تتضمنه مرافعاتهم من سب او قذف في حق المتهم و للنيابة ان تطعن في الحكم ولو صدر بناء على طلبها مدامت قد اكتشفت انه غير متفق مع القانون وبعلل ذلك بالرغبة في حث اعضاء النيابة على اداء وضائفهم دون خشية او تردد
الخـــــــاتمــــــــــة
الدعــوى العــمومــية بــوجه عــام هي المطــالبـــة بالحــق عــن طريـــق القضــاء و هــي مطــالبــة النيــابــة العامة باسم المجتمع أمام القضاء بتــوقيــع العــقوبــة علـى المتــهم.
المـــــــراجــــع
كتاب مباديء الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري للكاتب أحمد شوقي الشلقاني
كتاب المباديء الأساسية في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري للدكتور اسحاق ابراهيم منصور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق