الخميس، 18 سبتمبر 2014

المتهم بريء حتى تثبت إدانته

من أهم الحقوق الدستورية للمواطن هي براءته من أية تهمة حتى تثبت إدانته أمام محكمة عادلة. وهذا ما ينادي به الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في «المادة 11» التي تنص على أن كل متهم بريء حتى تثبت إدانته أمام «محاكمة علنية تضمن له وسائل الدفاع عن نفسه».
هذا الحق الأساسي لأي شخص لا يجوز التضحية به لأي سبب من الأسباب. وضمن هذا السياق فإن نشر صور وأسماء يعتبر تشهيرا بهؤلاء الأشخاص فيما لو ثبتت براءة أي واحد منهم لاحقا. وقد عانت البحرين كثيرا في السنوات الماضية عندما كانت صور المواطنين تُنشر في الصحافة باستمرار وتوجه لهم التهم ومن ثم لا تستطيع المحاكم حتى تحت طائلة قانون أمن الدولة ان تثبت ضده أية تهمة. ولذلك فإن نشر الصور هو السبيل الذي يتبع عندما تكون الإجراءات القانونية والمحاكم قاصرة أو عندما تكون هناك محاولة من جهة ما لتسييس القضية المطروحة أمام القضاء.
وفي بعض الأحيان تتمادى الأجهزة الرسمية في الدول التي لا تمتلك عدالة في قضائها وتقوم بتصوير المتهمين وهم يعترفون على أنفسهم، ثم تبث ذلك التصوير تلفزيونيا. وهذه الممارسة تعتبر من أقبح ما توصلت له العقليات العاجزة عن تحمل مسئولياتها تجاه أمتها.
وبما اننا نعيش مرحلة انفتاحية فإنه من غير اللائق اللجوء إلى أساليب توحي للآخرين بأن السلطة التنفيذية (ممثلة بوزارة الداخلية) تستعجل الحل السياسي بدلا من الحل القضائي. ثم ان نشر وكالة الأنباء البحرينية الرسمية أسماء المتهمين وصورهم لا يعتبر ممارسة حسنة للإمكانات المتوافرة لها. فبدلا من نشر الأسماء والصور، كان بالإمكان الإعلان عن بدء التحقيق بحضور المحامين المدافعين عن المتهمين، كما أن الإمكان السماح للناشطين الحقوقيين بالالتقاء بالمتهمين للاطلاع على أوضاعهم خصوصا وأن عددا منهم من الأحداث والمراهقين الذين انجرفوا باتجاه الممارسات العبثية. وهذا الأسلوب الحضاري أفضل لسمعة البحرين ويحمي حقوق الأشخاص الذين تُفترض براءتهم حتى تثبت إدانتهم. فنشر الصور لا يخدم أي هدف سوى ان البعض سيتحدث عن أمور أخرى ويتساءل فيما إذا كانت هذه هي الأسماء كلها وفيما إذا كانت هناك أسماء أخرى لم تُطرح.
على أن الأغرب في كل ما حصل هو «عودة حليمة لعادتها القديمة»... إذ سرعان ما بدأت الكتابات تتحرك باتجاه لا يحمل في طياته استشعارا بالمسئولية الكاملة. فما فائدة وما دليل من يحاول لصق أعمال العبث بفئة معينة وطائفة معينة؟ ولماذا قام البعض بتسريب أقاويل غير صحيحة للصحافة المحلية والأجنبية عن ضلوع طائفة أو فئة معينة وراء هذا الحدث؟ ما هي النتيجة المرجوة من ذلك كله؟
حوادث الهوليغنز نسمع عنها في كل مكان. ففي رأس السنة الميلادية حدثت أمور شبيهة في أماكن عدة من بينها فرنسا والهند. وفي الهند أصيب بحرينيون عندما تعرض لهم بعض الأشخاص هناك لأسباب عبثية، ولو ذهبنا إلى الهند وفرنسا فلن نقرأ من أحد الصحافيين هناك كتابات «شبه عنصرية» تحاول إثارة الحديث باتجاه غير صحيح.
لقد صعد نجم البحرين عاليا عندما احتُرمت فيها حقوق الإنسان وعندما حدث الانفتاح السياسي.
والبحرين يمكنها ان تفتخر بأنها تستقبل اللورد إيفبري وغيره من الشخصيات من دون حرج. والبحرين بإمكانها ان تفتخر بأنها بدأت تستقطب الاستثمارات، وان دولا مثل اليمن تطلب خبرات بحرينية لتنمية اقتصادها. فلدينا الكثير لنفتخر به من دون العودة الى الماضي البائس الذي لم ينتج سوى السمعة السيئة وسوء الاوضاع
منصور الجمري
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 121 - الأحد 05 يناير 2003م الموافق 02 ذي القعدة 1423هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق