الملك محمد السادس يؤكد أن ثروة البلاد يجب أن يستفيد منها الجميع، ويعرب عن أسفه لـ'حدة الفوارق الاجتماعية' بين المغاربة. |
|||||
|
|||||
الرباط - أجمع محللون اقتصاديون
وخبراء اجتماع على أهمية دعوة الملك المغربي محمد السادس على القيام بدراسة حول
القيمة الإجمالية لثروة المغرب منذ سنة 1999 إلى سنة 2013، لقياس الثروة
الحقيقية للبلاد وبيان مواطن الخلل في توزيعها بين المغاربة.
في الخطاب الذي قدّمه في 30 يوليو
2014، بمناسبة عيد العرش الـ15، دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس، إلى
إجراء دراسة لتقدير القيمة الإجمالية لثروة المغرب من بداية سنة 1999 (سنة توليه
الحكم) إلى نهاية سنة 2013. وأوضح أن الغرض من هذه الدراسة ليس فقط تسليط الضوء
على قيمة رأس المال غير المادي للمغرب، ولكن أيضا، وبصفة خاصة، التشديد على
ضرورة الاستناد على رأس المال المذكور كمعيار أساسي في وضع السياسات العامة، حيث
يتمكن جميع المغاربة من الاستفادة من ثروة بلادهم.
وكان العاهل المغربي أعرب عن أسفه
لـ”حدة الفوارق الاجتماعية” بين المغاربة رغم “التقدم الكبير” الذي شهدته
المملكة المغربية، متعهدا بالسعي إلى “تعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات
وطنهم".
فسّر العاهل المغربي اختيار هذه
الفترة بالتحديد قائلا: “في الواقع، يجمع الخبراء والمهتمون، الوطنيون
والدوليون، على أن المغرب عرف، خلال هذه الفترة، وحقّق تقدما كبيرا في مختلف المجالات”،
مضيفا أنه “لا أحد يمكنه أن ينكر التطور الديمقراطي، الذي يجسده دستور 2011،
ومنظومة الحقوق والحريات والإقدام على الورش الجهوية المتقدمة. غير أن الأثر
الملموس لهذه الإصلاحات وغيرها، يبقى رهينا بحسن تنزيلها وبالنخب المؤهلة
لتفعيلها".
وحظيت الملاحظة التي قدّمها الملك
محمد السادس حول الفوارق الاجتماعية بين المغاربة ودعوته إلى دراسة القيمة
الإجمالية لثروة البلاد لإعادة النظر في توزيع الثروة باهتمام إعلامي دولي
وتقدير من قبل الخبراء والمختصّين الذين أكّدوا على الأهمية التي تأتي في إطار
تمكين جميع المواطنين من الاستفادة من ثروات بلادهم.
الملك محمد السادس: "إذا كان المغرب قد عرف تطورا
ملموسا، فإن الواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع المواطنين"
وقال الخبير الاقتصادي المغربي
عبدالمالك العلوي، في تصريح لوكالة المغرب للأنباء، بخصوص الدعوة التي وجهها
الملك محمد السادس إلى إجراء دراسة لقياس القيمة الإجمالية لثروة المغرب، أن هذه
الوقفة التأملية، ستكون مماثلة لتلك التي تم القيام بها سنة 2005، والتي مكنت من
تقييم الإنجازات وتحديد أوجه القصور وسقف التطلعات.
وتوقع العلوي أن تكون هذه الدراسة
“شاملة وأكثر واقعية".
ويعتبر المغرب من البلدان القليلة
التي قررت، على نحو استباقي، إطلاق مشروع تقييم منتظم لثروتها الوطنية ورأسمال
البلاد غير المادي. وجرى هذا التقييم من خلال الاعتماد، في المرحلة الأولى، على
المقاييس التي يعتمدها البنك الدولي.
وقد قام البنك الدولي فعليا بتقييم
ثروة الدول ورأس مالها غير المادي، وقد قام البنك الدولي ببعض التقييمات في 2010
و2012 و2013 لعدد محدود من البلدان، بما في ذلك المغرب. وجرى التقييم بطريقة مختلفة
عن الأسلوب التقليدي من خلال احتساب الناتج المحلي الإجمالي، بما يسمح بإجراء
مقارنات، ويُخوّل تحديد الترتيب الدولي لكل بلد، على الصعيد العالمي وكذلك على
مستوى المكونات المختلفة لثروتها الوطنية.
استنادا إلى مقاييس البنك الدولي،
تُمثّل الثروة الوطنية القيمة الحالية للاستهلاك المستقبلي في كنف جيل واحد.
ويقدر رأس المال غير المادي بطرح
رأس المال المنتج ورأس المال الطبيعي من الثروة الوطنية، وإضافة صافي الأصول
المالية. ويشمل الاحتساب جميع الموجودات التي ليست ملموسة والتي من الصعب
بالتالي تقييمها، مثل رأس المال البشري ورأس المال الاجتماعي وجودة المؤسسات.
ويُمثّل رأس المال المنتج قيمة المخزون من رأس المال المادي، أي الآلات
والمعدات، والمباني والأراضي في المناطق الحضرية. أما بالنسبة إلى رأس المال
الطبيعي، فإنه يشمل موارد الطاقة، والموارد المعدنية، وموارد الغابات، وهي
الأراضي الصالحة للفلاحة، المراعي والمناطق المحمية.
78 بالمئة نسبة رأس المال غير المادي بالمغرب من مجموع الثروة
ووفقا لتقييم البنك الدولي، أحرزت
الثروة الشاملة للمغرب تقدما في الدولار المستمر (2005)، إذ تطوّرت بما يقارب 75
بالمئة بين سنتي 2000 و2013، أي بمعدل نمو سنوي متوسط يُعادل 4.4 بالمئة. وارتفع
رأس المال غير المادي بحوالي 82 بالمئة بين سنتي 2000 و2013، أي نمو سنوي متوسط
يُعادل 4.7 بالمئة. وارتفع نصيبها من الثروة الوطنية من نسبة 72.8 بالمئة، سنة
2000، إلى نسبة 75.7 بالمئة سنة 2013، وهي فترة اتسمت بتغييرات هامة في المغرب، وبديناميكية
الاستثمار، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز نصيب رأس مال الناتج في الثروة الوطنية.
ويقترب بذلك وزن رأس المال غير
المادي في الثروة الإجمالية للمغرب من وزن رأس المال غير المادي الذي تُسجّله البلدان
المتقدمة. ويستنتج من هذه المعطيات أنّ رأس المال غير المادي المغربي هو الآن
القاعدة العامّة التي تسمح بخلق الثروة، وأن السياسات العامة ينبغي، بالتالي، أن
تستهدف مكونات رأس المال غير المادي للمحافظة على وتيرة التنمية الاقتصادية
والاجتماعية.
كما قام البنك الدولي بدراسة أخرى
سابقة، حملت عنوان “أين توجد ثروة الدول؟”، واستنتجت المنظمة الدولية من خلالها
أنّ قيمة رأس المال غير المادي في البلدان المتقدمة تتراوح بين 66 و80 بالمئة من
الثروة الوطنية الشاملة. وقد كشفت الدراسة أنّ رأس المال غير المادي بالمغرب
يُمثّل 78 بالمئة من مجموع الثروة، في حين أنّ رأس المال غير المادي بالجزائر لا
يتجاوز 18 بالمئة.
وتؤكد الدراسة أنّ الثروة في المغرب
للفرد الواحد كانت تبلغ 22.965 دولارا سنة 2000، مقابل 18.491
دولارا للفرد بالجزائر، على الرغم من ثروتها النفطية.
وتوقع صندوق النقد أن ينمو اقتصاد
المغرب بواقع 3.9 بالمئة في عام 2014، وأن يرتفع النمو إلى 4.9 بالمئة في عام
2015.
وحقق الاقتصاد المغربي العام الماضي
نموا بـ4.4 بالمئة، مدفوعا بارتفاع القيمة المضافة للقطاع الزراعي بـ19 بالمئة،
وذلك بفضل محصول حبوب قياسي بلغ 97 مليون قنطار. وفي المقابل، تباطأت القطاعات
غير الزراعية إلى 2.3 بالمئة مقابل زيادة بـ4.4 بالمئة عام 2012.
لكن هذه الأرقام والإنجازات، وفق
العاهل المغربي لا تعني الكثير بالنسبة إليه، ما لم يشعر المواطن المغربي بأثرها
الإيجابي في تطوير مستوى معيشته؛ حيث أكّد في خطابه أن تصنيف المغرب في المراتب
الأولى على الصعيد الأفريقي، وبفارق كبير عن بعض دول المنطقة، والأرقام
والإحصائيات، التي تتضمنها دراستا البنك الدولي والتي تبرز تطور ثروة المغرب،
أمر يدعو إلى التساؤل باستغراب: أين هي هذه الثروة؟ وهل استفاد منها جميع
المغاربة، أم أنها همت بعض الفئات فقط؟".
وخلص الملك محمد السادس إلى أن
“الجواب على هذه الأسئلة لا يتطلب تحليلا عميقا: إذا كان المغرب
قد عرف تطورا ملموسا، فإن الواقع يؤكد أن هذه الثروة لا يستفيد منها جميع
المواطنين. ذلك أنني ألاحظ، خلال جولاتي التفقدية، بعض مظاهر الفقر والهشاشة،
وحدّة الفوارق الاجتماعية بين المغاربة”.
|
السبت، 22 نوفمبر 2014
الرأسمال اللامادي معيار أساسي في السياسة العامة للمغرب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق